الأربعاء، دجنبر 06، 2006

من تراث الشمال الغربي


حول تجربة جريدة الأنوار

رسالة إلى حزب -اليسار الاشتراكي الموحد- بالمغرب

نشرت هذه الرسالة في الموقع الإلكتروني العربي الشهير الحوار المتمدن بتاريخ 21 يناير 2005، نعيد نشرها هنا للمناقشة حول تقاطع مكونات الوطن والجهات، كبعد آخر للديمقراطية في الاتجاه الأفقي غير المعمول به في التقاليد الديمقراطية الفرنسية، بسبب تركيز العاقبة، كتيار منتصر في الثورة الفرنسية، والذي حارب الجهوية بسبب خطرها على الرصيد الاستعماري لفرنسا التي لم تتمكن من مراكمة مرتبتها الدولية المتقدمة دون رصيد استعماري في افريقيا والكرايب والمحيطين الهندي والهادي. في حين تمكنت ألمانيا من صيانة قوتها الاقتصادية واستعادة وحدتها الترابية بفضل ديمقراطية اللاندرز والتوزيع المتوازن للسلط بين العاصمة وباقي الجهات/اللاندرز. نحن في العالم العربي، مصابون بمراكمة أرصدة من المركزية الشديدة، محلية وغربية، ولا نكشف سوى جزء الخصوصية. بينما الجزء الحديث الذي كرس المركزية الشديدة في بنياتنا لا نملك ما يكفي من الثقافة المقارنة لاستخلاص ما يناسب وضعنا
لكل ذلك وجب إثارة معنى ثان من أحشاء ظل المعنى المرافق لسطور الرسالة. مع الاحتفاظ للأستاذ محمد بلال أشمل بتميز رأيه في المعنى والمبنى
achmobi@yahoo.es محمد بلال أشمل
الإخوة الأجلاء في موقع حزب اليسار الموحد
تحية طيبة وبعد اطلعت على موقعكم فوجدت أنكم لما تؤرخون لمسار حزبكم، وللمكونات السياسية التي ألفت منه، وتعددون المنابر الإعلامية التي تكلمت باسمه، تضعون جريدة "الأنوار" ضمنها؛ فيستفاد من ذلك أنها أسست في البداية كجريدة تابعة لـ" منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" ، ومن ثم ناطقة بلسان حاله. وبما أني كنت أحد الذين ساهموا في تأسيسها، وحظوا بشرف تسميتها، وكتابة مقال في الموضوع بعددها الفاتح، وتحمل مسؤولية رئاسة التحرير فيها طيلة أعدادها الثلاثة، اسمحوا لي أن أوضح لكم، من منطلق الأمانة التاريخية، أن جريدة " الأنوار" أسست في البداية كجريدة مستقلة عن أية جهة حزبية، وجعلت غايتها خدمة الإعلام المحلي. صحيح إن بعض مؤسسيها كانوا ملتزمين حزبيا في" منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" ، ولكن التزامهم الحزبي لم يكن يعني -حسب فهمي لجوهر الأمور يومئذ- أن تلك المبادرة الإعلامية المحلية هي لسان حال "منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" ، ولا تابعة لسلطة القرار فيه؛ ليس لأن هذه الهيئة مما لا يشرف المرء الانتماء إليها، فإن لي فيها أصدقاء أعزاء أحبهم و أحترمهم، وأنديتها رددت محاضراتي، وجرائدها احتضنت كتاباتي ، بل لأن الأصل في تأسيس "الأنوار" لم يكن تبعيتها لهيئة سياسية ما، بل خدمة مشروع إعلامي محلي. هذا إلى أن بعض مؤسسي "الأنوار" لم يكونوا ملتزمين حزبيا، وأنا منهم، علاوة على أن "قيمة الاستقلالية" وقتئذ –كما اليوم- كانت مطلوبة كشرط للمصداقية في التداول الإعلامي المحلي
هذا حسبما اعتقدته وعملت به طيلة الفترة التي كنت فيها ضمن أسرة تحرير "الأنوار". أما بعد أن ا اختارت هذه الجريدة سبيلا آخر غير الذي انطلقت منه؛ و بعد أن قدر لها أن تمتد في باقي الوطن، فتصبح رسميا لسان حال الهيأة السياسية المذكورة، فهذه أمور أخرى قد تعطيكم العذر فيما مضيتم من كون "الأنوار" تابعة لأحد مكونات حزبكم، ونشأت للتعبير عن مشروعه السياسي والاجتماعي. ولكنها لا تغير من أمر حقيقة ذاتية وموضوعية آمنت بها ولا زلت وهي أني ساهمت في تأسيس "الأنوار" بقناعة شخصية أنها جريدة محلية مستقلة عن جميع الهيآت السياسية
ومما يشهد على ذلك المقال الذي كتبته في الموضوع ونشرته في عددها الثالث والأربعين بعد المائتين (من 25 يوليوز إلى 25 غشت 1997) عقب عودتها إلى سيرتها الأولى كجريدة محلية تطاونية، أكدت فيه - من بين ما أكدت- على شرط "الاستقلال الكامل عن إرادة أية جهة من الجهات"، وتمنيت فيما تمنيت حضور "استقلال القرار"، و"دوام حرية الإرادة" لدى الأنواريين القدامى والجدد منهم، فكتبت قائلا تحت عنوان "تاريخ الأنوار ومقتضيات التوهج": " ولو قدر لها الاستمرار، لصنعت من الأنوار وهجا وهاجا، يسطع بضوئه، فيملأ الآفاق ضياء؛ شريطة توحد كان يكون منهم في الرؤية، وتبصر بالقصد، واشتراك في قضية محددة، واستقلال كامل عن إرادة أية جهة من الجهات". ثم تمنيت على الأنواريين " الحرص على أن تكون "الأنوار" مستقلة القرار، حرة الإرادة، لا ولاء لها إلا لقضيتها الإعلامية في بعدها المحلي، وفي امتدادها الوطني". فإذا كنتم تقصدون أن جريدة "الأنوار" شكلت في مرحلتها "الوطنية" أولا، والمحلية ثانيا لسان حال "منظمة العمل الديموقراطي الشعبي" - بل وحتى بعد العدد الرابع من انطلاقتها المحلية- فقد يحتمل أنكم أصبتم الحق فيما تقصدون. أما إذا كنتم تقصدون أنها انطلقت في تأسيسها كلسان حال الحزب المذكور، فقد جانبتم الحق كليا، على الأقل من وجهة نظري كمشارك في تأسيسها؛ إذ لم يكن صنيعي في تأسيسها بغاية التبعية إلا لقناعاتي، ولا عملي في تحريرها بقصد التخلي عن الاستقلالية إلا في أفكاري فقد كنت أعي أن "شرط الاستقلالية" ضمانة عظيمة في نجاح أية مبادرة إعلامية في مدينة كمدينتنا كل الولاءات فيها مباحة إلا الولاء المديني، على ما تقاسيه تطاون من ويلات "التصاحف"، وما تعانيه من آفات "التثاقف" كما لم تعانيه أية مدينة أخرى
ولذلك أرجو من أخوتكم، متى أقررتم أحد الوجهين مما علمتم، أن تبادروا إلى الإعلان عنه بالكيفيات والوسائل التي تقدرونها ملائمة؛ فإن كان مما ترون مخالفا لما أرى، فلا بأس؛ لأن تاريخ الإعلام في الشمال سيجد يوما من يكتب حقائقه، وإن كنتم ترون ما أرى، فذلك من فضل تسامحكم، وإشارة من روح الأمانة التاريخية التي لا أشك أنكم تتحلون بها والسلام
محمد بلال أشمل - تطاون العامرة

0 Comments: