عماد أرجاز الشرفاوي
المغرب في 2007
خطوة إلى الأمام أم خطوتين إلى الوراء
انتهى عام 2007 ، وخلف وراءه أحداثا كثيرة ؛ متمنيات لم تتحقق ، وعود لم توفى ، ملفات عالقة وقضايا شائكة ينتظر المغاربة العام الجديد ليروا مستجداتها ، إخفاقات ، تعثرات على أكثر من صعيد سياسي ، اقتصادي ، اجتماعي وحتى دبلوماسي ، إكراهات وقفت حجر عثرة وسير على خطى الماضي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تحقيق الانتقال إلى الديمقراطية والتنمية الإنسانية الشاملة طريق لا تزال وعرة.
من بين أهم الأحداث السياسية التي طبعت سنة 2007 هو الاقتراع الثاني في عهد مملكة محمد السادس ، الاقتراع التشريعي هذا اعتقد البعض أنه سيفرز خريطة سياسية جديدة ، اعتقاد وصل حد الجزم ما دامت نفس الأراء تزعم أن حصيلة الحكومة التي انتهت ولايتها كانت دون المستوى أو دون حد الوعود التي طرحتها الأحزاب التي أطرت تجربة 2002.
دخول جل الأحزاب غمار هذا الاستحقاق شابه قيل وقال حول مسألة التحالفات و "حمى" التزكيات التي أصابت غالبية المكاتب السياسية لتلك الأحزاب ، الهالة الإعلامية التي وجهت كاميراتها على المغرب أعطى الانطباع بأن هذه الانتخابات ليست كسابقاتها ، إضافة لتجربة مراقبة الانتخابات الوطنية والدولية التي وضعت المغرب في خط الدول الديمقراطية بل وأن التجارب التشريعية الماضية قد أصبحت في خبر كان بموت عراب ومهندس "البلقنة" إدريس البصري.
لكن ظهر أن رواسب البلقنة وشيئا من مكونات البلطجة يصعب أن تختفي ما دام سؤال الجدوى من انتخابات لا تفرز قطبا سياسيا يقود البلاد ما زال مطروحا وما دام التقطيع الانتخابي سبب من أسباب إفراز هذا "الفلكلور" السياسي و الحزبي وهذا التقارب في النتائج ، وما دامت بعض الأحزاب تقدم وعودا غير واضحة أو أنها تدخل في إطار الضحك على الذقون وما دام استعمال المال في الحملة الانتخابية موجودا وما دام وما دام...
مر الاقتراع في ضل هكذا جو مشحون ، تجاوزات حضرت ، خروقات سجلت ، وطبول البلطجة دقت. أفرز الاقتراع أغلبية حكومية بعد مخاض طويل وعملية قيصرية بحضور "قابْــلة" التقنوقراط التي أخذت ما أخذت من الحقائب الوزارية وكان ما كان.مفاجآت 2007 السياسية انعكست على حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي شهد "هزة" قد تعرضه لسكتة قلبية حقيقية ، ومستقبل أيام العام الجديد ستكشف أمورا جديدة داخل هذا الحزب عبر مؤتمره الوطني.
تحدي أخر واجهه المغرب خلال العام الذي ودعناه هو "الإرهاب" حيث شهدت مدينتي الدار البيضاء ومكناس أحداثا انتحارية من حسن الحظ لم تكن خسائرها جسيمة ، تداعياتها كما قيل في حينه أثرت على السياحة وعلى الاقتصاد عموما. أسباب هذه الظاهرة يراها البعض اجتماعية تتمثل في الفقر والحاجة؛ حجة هؤلاء هو أن منفذي تلك الهجمات هم أبناء دور الصفيح حيث البطالة، العوز والفاقة. البعض الأخر يراها سياسية/إيديولوجية حيث يلعب ما يسمى بالإسلام السياسي دوره في تهييج الشباب عبر استغلال ضعفهم الثقافي ومناعتهم الهشة وانسداد أفقهم المستقبلي وذلك تحت شعار "الإسلام هو الحل"في ظل أجواء دولية مشحونة بما يحدث في فلسطين والعراق وأماكن أخرى.
الآلة الدبلوماسية للمملكة المغربية تحركت خلال العام المنصرم ، سؤال نجاحها من عدمه طرح بكثرة، ولعل "قضية الصحراء" هي النقطة الأهم وربما الوحيدة التي تجمع المغاربة بشكل عام ، ملف الحكم الذاتي أو جهوية موسعة حظي بموافقة حزبية ومؤسساتية غير مشروطة، إضافة ""للدعم الدولي" الذي يتحجج به أهل السياسة بالرباط.
بالمقابل الطرف الأخر صعد من لهجته، شرطه "استفتاء تقرير المصير" يلوح به لدى الخارج "ويتباكى" على وضعية حقوق الإنسان المزرية التي وصلت إليها المخيمات في تلك الصحراء الخالية. سياسة العصا والجزرة كانت واضحة لدى "جبهة البوليساريو" يؤكده تلويح الجبهة بالعودة إلى السلاح من جديد.
العام الجديد بدأ ساخنا ، منتجع مانهاست يعرف ثالث جلسات الحوار بين المغرب و"جبهة البوليساريو" والخوف كل الخوف أن يكون "البلدوزر" الدبلوماسي المغربي قد تعطل!!
سنة 2007 تنضاف لسابقاتها ولا شيء تغير، والأمل كل الأمل في العام الجديد أن يحدث الأفضل وأن لا يردد البعض "قولوا العام زين" وهو ليس كذلك.






2 Comments:
موضوع جميل
أنا صديقك فخرالدين ، قرأت الموضوع و أعجبني و هذا ليس مجاملة . أو شيئا من هذا القبيل و لكن هي الحقيقة . لك إمكانيات جميلة سواء في ميدان الإبداع أو ميدان السياسة . واصل و لك مني تحية طيبة
Post a Comment