الأربعاء، يناير 16، 2008

عمود الأربـــــــعــــــاء

يكتبه
مـنـيـــر بــرقــــاد

الثقافة وفعل التواصل
عندما يكون محتوى الثقافة يضم الفنون والمعتقدات والأفكار، فلاشك أن هذه المكونات تلعب أدوارا خاصة عندما تتقابل وتنتشر في مجتمعات إنسانية أخرى، إن الأمر شبيه بتلك القاطرة المليئة بالمسافرين الذين ينقلون أفكارهم ومعتقداتهم وفنونهم إلى الأفراد الآخرين
المتمركزين في مناطق أخرى متعددة، وهنا يكمن وجه التواصل في نقل المعارف واللغة وتوزيعها في كل المناطق العالمية، وهي الفكرة التي يركز عليها " إدغار موران" حينما قال أنه: « بإمكان التقنيات أن تهاجر من ثقافة إلى أخرى، كما كان الحال قديما مع العجلة ومربط القطار والبوصلة والمطبعة» حيث يكمن البعد التفاعلي بين الثقافات الإنسانية، فالثقافة تظل دوما مفتوحة إذ أنها تدمج داخلها ليس فقط المعارف والتقنيات ولكن أيضا الأفكار والتقاليد والأفراد الآتين من آفاق أخرى، حيث توجد بعض المعتقدات الدينية والأفكار العلمانية استطاعت أن تقوم بهجرة ثقافتها الأصلية نحو الكونية والعالمية.
وضمن هذا الموضع يتدخل الأنا الثقافي ليقوم بدور الكلام وإظهار قيمه وخصائصه عبر ما يسمى « بوسائط الاتصال التي تنتشر بشكل واسع النطاق» فبالتالي يبقى الآخر الثقافي متخذا موقفه إزاء هذا الفعل أو هذا النشاط التواصلي، فهما معا ينسجان علاقة تواصلية ثقافية تتأسس انطلاقا من اللغة ووسائل الاتصال الجماهيري اللذان يلعبان دورا أساسيا في تواصل الثقافات، حيث نجد أن في كل « مجتمع عالمي، يصبح قيه التواصل بالكلام والقراءة والكتابة بشتى اللغات، أشكال التعبير الإشارية والرمزية والمصورة جزءا من الممارسة للإنسان جمعاء وهذا ما يتخذ مكانه في العصر الحالي بما فيه من وسائل تكنولوجية، تقنية تجعل مختلف الثقافات الإنسانية كامنة في صورة وثائقية في التلفاز يشاهدها كل أفراد العالم.
إذن يصبح التواصل هو الآخر يشكل ذاك الهاجس النظري الفكري الذي يراهن في صيرورة دينامية على جعل الثقافة تتداول بشكل كوني يزيد من المجتمع المنتج لهذه الثقافة صبغة أساسية ستساعده على التقدم نحو الأمام، وهذا ما يطلق عليه " هابرماس" بما يسمى "بالتفاعلية التواصلية" التي تزود المجتمع ببعض المكونات الرئيسية المتنوعة ثقافيا واجتماعيا وهوية، فكل ربط بين ثقافتين فيه " إغناء للثقافات ذاتها" فبالتالي تكون الثمرة
المنتجة من وراء هذا التواصل وهو اعتناق صرح التقدم والتكامل وإثبات الجدارة العالمية أمام باقي المجتمعات والثقافات.
منير برقاد

0 Comments: