السبت، أبريل 12، 2008

مقال

حكمة الصمت
فخر الدين العثماني
سوف أتحدث عن الصمت ، ليس لأن الصمت حكمة ، بل لأن الصمت خير من الثرثرة و أفيد منها ، و عندما
أذكر الصمت لا يجب أن نتصور أن نقيضه و ضده هو الكلام . لا ... لا .. أبدا الصمت في رأيي المتواضع نده الثرثرة، و الثرثرة ، كما أعتبرها شخصيا هي : اللغو ، و نحن نعرف أن اللغو من لغا ، يلغو ، لغوا ً ، أي ما لا نفْعَ يرجى منه. قال ابن منظور: " اللَّغْو و اللَّغا السَّقَط وما لا يُعتّد به من كلام وغيره، ولا يُحصَل منه على فائدة ولا نفع" . يقول سبحانه و تعالى في كتابه العزيز : * و الذين هم عن اللغو معرضون * ( مطلع سورة المومنون ) . لكنني لا أركز كثيرا على المعنى القرآني ، لأنه يذهب بنا بعيدا عن المراد الذي أرومه ، لذلك فإني أوثر المعنى اللغوي المتواجد في لسان العرب . هذا المعنى الذي يربط اللغو بالكلام الغير المفيد . وهنا أطرح السؤال : هل تعتبر الثرثرة كلاما مفيدا ؟
لن أجيب عن السؤال ن لأنه سؤال إستنكاري ، معروف جوابه و بيانه . بل سأعود مجددا إلى نقطة البداية لأقول أن القولة المأثورة التي تقول : الصمت حكمة ( رغم أنني أفضل عدم الحديث عن الصمت بإعتباره حكمة ) هذه القولة يجب أن نفهمها في سياق معين و محدد ، السياق الذي يربط الصمت بالثرثرة و باللغو و بالكلام الغير المفيد . من هنا يتحدد الصمت كحكمة مقابل نقمة الثرثرة و اللغو و ليس مقابل نقمة الكلام .
إن إعتبار الصمت حكمة ، هو بمثابة الإحتماء المجازي من نقمة الثرثرة . من هنا إنطلقت الحكمة . من الصمت و من الكلام المفيد . و لم تنطلق من اللغو، الممزوج بالكذب و الإفتراء .

0 Comments: