الأربعاء، دجنبر 13، 2006

ردود فعل

إقالة لعنيكري ومتطلبات الدولة العصرية
أثارت إقالة المدير العام للأمن الوطني، الجنرال حميدو لعنيكري، ردود فعل متباينة وتعليقات في الصحافة، في محاولة لتفسير وتحليل ماجرى• وكان واضحا منذ الإعلان عن توقيف مجموعة من كبار مسؤولي الامن والدرك الملكي من مهامهم، ارتباطا بملف المتهم بالاتجار في المخدرات، الشريف بين الويدان، ان هناك عملية كبرى يتم التحضير لها• وكانت هذه العملية هي إقالة لعنيكرى من المديرية العامة للأمن الوطني، وتكليفه بمهمة أخرى• كان من الممكن أن تعتبر هذه العملية أمرا عاديا يدخل في إطار التدبير الطبيعي لشؤون الدولة، لولا أننا تعودنا، من خلال بنية النظام القائم، على التعامل الدرامي مع مثل هذه التغييرات• فكل التغييرات التي تمس المسؤولين الكبار في الأمن والدرك والجيش، يتم التحضير لها بعناية وتدرس تبعاتها وتداعياتها بدقة، وكأن الامر يتعلق بعملية انقلابية• وهذا أمر غير طبيعي في منطق دولة الحق والقانون! الامر الطبيعي هو أن تلجأ الدولة، كلما تبين لها ضرورة ذلك، إلى إحداث تغييرات في المسؤوليات والهياكل، خارج نطاق أي ضغط أو ابتزاز من طرف كبار المسؤولين في الاجهزة الحساسة للأمن والدفاع• وكلما كانت الخطوة التي يتم اتخاذها تحترم الدستور وتدخل في إطار القانون، كلما كانت أمرا عاديا وليس دراماتيكيا! غير أن استحضار هذه البديهيات لايعفينا من محاولة تفسير الضجة التي أثارتها إقالة المدير العام للأمن الوطني• فقد تحول الأمر الى حدث كبير، تناقلته الهواتف النقالة، دقائق بعد حصوله، قبل أن تتناقله وسائل الاعلام• فقد ارتبط تعيين لعنيكرى على رأس جهاز المديرية العامة لحماية التراب الوطني، بالتهييء لعملية إقالة الوزير الأسبق في الداخلية، ادريس البصري• ومن هنا أصبح له وضع متميز داخل الجهاز الامني، الى أن تم تكليفه بالمديرية العامة للأمن الوطني• وربما كان هذا المسار هو الذي جعل من عملية إقالته حاليا >حدثا متميزا<، خاصة وأنه ارتبط باحتمال تورط مسؤولين أمنيين آخرين في ملف المخدرات• هذا هو التحليل المبني على الظاهر، أما الاحتمال الاكثر توافقا مع منطق إدارة السلطة في المغرب حاليا، هو ألا يستبد أي مسؤول في الاجهزة الأمنية والعسكرية بنفوذ كبير، وألا يتحول الى أخطبوط يصعب اجتثاث امتداداته! وانسجاما مع هذا المنطق، فإن السلطة تسعى حاليا الى إزاحة كل رموز الماضي وتعويضها بوجوه جديدة وشابة، كما حصل في المديرية العامة للوثائق والمستندات• وإذا كان التغيير الذي حصل في هذا الجهاز قد مر دون ضجة كبيرة، فلأن عمله غير مرتبط بشكل مباشر بالشؤون الداخلية، ولأن الشخصية التي تولت المسؤولية فيه، ياسين المنصوري، تميزت بمسار نظيف• الضجة التي خلقتها إقالة لعنيكري مرتبطة أكثر بموقع هذا الرجل في الجهاز الأمني، لذلك كان من الطبيعي ان يتم التعامل مع هذا الموضوع بنوع من التضخيم• غير أن تجربة إقالة ادريس البصري أكدت أن تضخيم مثل هذه الأمور أمر مبالغ فيه• فالحديث عن >أعمدة< السلطة و>أركانها<، غير واقعي• أعمدة السلطة وأركانها هي الشرعية الدستورية والديمقراطية، أما الباقي فكله زائل! وربما هذا هو ما ينبغي التركيز عليه الآن، حيث ينبغي ان تتعود الدولة على إقالة مسؤولين كبار في الامن والجيش، لضرورات معينة، دون الاستعداد لهذا التغيير كعملية عسكرية! ويفترض هذا أن تتخلص الاجهزة الامنية والعسكرية من هالة المحرمات الميحطة بها• فهي مجرد آلية من آليات الدولة وتدبيرها يجب ان يخضع أيضا للمراقبة الحكومية والبرلمانية، هكذا يمكن أن تصبح أجهزة عادية وألا تظل متعالية على الشرعية الديمقراطية، وتكتسب نفوذا وقوة لامبرر لها في ظل دولة حديثة عصرية
2006/9/18

0 Comments: