محاورة
في محاورة أيها الديمقراطيون اتحدوا أيها اليساريون اتحدوا
عبد الهادي الزوهري
2006/10/29المغربية
لا أخفي التقدير الخاص الذي أكنه للأستاذ المناضل أحمد حرزني، من خلال مايكتبه ويذيعه في الناس من أفكار؛ ولعل تدخله في إحدى جلسات الاستماع التي نظمتها هيئة الإنصاف والمصالحة، من الأمور التي زادته تقديرا في نظري،رغم الرجة الحيوية التي تركتها تلك المداخلة في صفوف اليساريين المغاربة من حيث الاتفاق أو الاختلاف ـ لما احتوت عليه من نقد مزدوج صريح للحكم من جهة، وللمعارضة من جهة ثانية، انطلاقا من صدقية نضالية حاولت الإمساك بالمرحلة التاريخية وشروطها العامة والذاتية التي صنعت فيه القوى السياسية الرئيسية التاريخ السياسي للمغرب الحديث عبر صراع شرس ومرير بين الأطراف السابقة الذكرإنه التقدير ذاته الذي حثني على مناقشة بعض الأفكار التي عبر عنها حرزني في مقاله المعنون أيها الديمقراطيون اتحدوا أيها اليساريون اتحدوا المنشور بجريدة »الاتحاد الاشتراكي« بتاريخ 2006-9-20 في البدء لا مناص من تسجيل الاتفاق العام حول الفكرة الجوهرية في المقال المذكور وتتمثل في الدعوة إلى وحدة القوى الديمقراطية واليسارية المغربية، لما ينتظر بلدنا من تحديات في وحدته الترابية وصيانة وتسريع انتقاله الديمقراطي وتحقيق تنمية مستدامة، اقتصاديا واجتماعيا كما أعلن الاتفاق معه حول المقترحات التي قدمها بصدد تطوير الأداء الحزبي للأحزاب الديمقراطية وحل بعض معضلاتها في التنظيم والزعامة والمرشح المشترك للوزارة الأولى الخلكن في هذا الحوار أريد أن أناقشه في ثلاثة مواضيع عنّت لي وأنا أقرأ مقاله الآنف الذـ المنهجية الديمقراطية يعتبر حرزني أن طرح القوى الديمقراطية الآن لهذه المنهجية في تعيين الوزير الأول من بين صفوف أحزاب الأغلبية، وبالذات من بين صفوف الحزب الأول الذي تفرزه الانتخابات القادمة يعدّ »مطلبا غير مدروس ومنعدم الحيطة« بل فيه شيء من الجاهلية »العنترية« بل الأنكى من ذلك هو »مقامرة« غير محسوبة النتائج واعتراضه على كل ذلك آت من كونه يفترض في حال عدم فوز الأحزاب الديمقراطية وانتصار غيرها ـ هنا يعني التيارات الدينية ـ في انتخابات 2007؛ فإن مسلسل الانتقال إلى الديموقراطية قد يتعطل أو ينحرف عن مساره، ويقترح حلا/نموذجا يمارسه رئيس الدولة في الديمقراطيات العريقة الذي يمكنه أن يختار رئيس الحكومة من خارج أحزاب الأغلبية إن هذا الهدف النبيل المحدد في عدم تعطيل أو انحراف الانتقال الديمقراطي«هو الذي جعل حرزني يتخوف وينتقد مبدأ المنهجية الديمقراطيةفي هذه المسألة ألا يمكن أن يرد عليه الديمقراطيون ـ وكذا خصومهم نكاية ـ بأن ما يدافع عنه حرزني هو فكر غير ديمقراطي، إذ كيف نطالب بالديمقراطية لأنفسنا ونمنعنا عن غيرنا ولو كانوا خصوما؟ أيقوي هذا السلوك الممارسة الديمقراطية لدى عموم الأحزاب المغربية بمختلف توجهاتها أم يلتقي ـ من حيث لا يدري ـ مع تلك القوى السياسية التي تتظاهر بإيمانها بالديمقراطية متى كانت في المعارضة ولكنها تنتقل إلى النقيض حينما تتمكن من مقاليد السلطة؟ ألا يقدم هذا الموقف لتلك الحركة التي استطاعت ان تتجذر بعض الشيء وسط الشعب مبررات إضافية ومجانية تستغلها في صراعها مع القوى الديمقراطية؟ ولنفترض الاحتمال الأسوأ، وكل الغيورين على الديمقراطية لا يرجونه ـ هل ستقف القوى الديمقراطية واليسارية مكتوفة الأيدي في مثل ذلك الاحتمال؟ أنحتاج إلى التذكير بأن الشعب المغربي ـ بمختلف طبقاته وأحزابه ومجتمعه المدني ـ يقف وقفة رجل واحد حالما تواجه المغرب تحديات من قبيل القضية الوطنية والإرهاب فما بالك حين تهدد قضية الديمقراطية؟ إن المنهجية الديمقراطية كمبدأ ـ في ما أعتقد ـ هي اختيار ديمقراطي تمارسه كافة القوى الفاعلة في الحياة السياسية متى حصلت على الأغلبية الانتخابية؛ أما عكس ذلك فهو يتناقض والمسؤولية السياسية، ويضعف هذا الخيار الديمقراطي ويشكك في فلسفته ويجعل الديمقراطيين يبدون متناقضين في أقوالهم وأفعالهم وصدقيتهم الديمقراطية أمام خصومهم 2 ـ إن حرزني يتوجه بالأساس إلى الاتحاد الاشتراكي باعتباره القوة اليسارية الأولى لتحقيق الوحدة بين مختلف تيارات اليسار الاشتراكي وفي هذا الاتجاه يطرح حرزني شروطا على الاتحاد لتحقيق ذلك كتغيير اسم الحزب، أو دعوته لعقد مؤتمر عام لاستقبال اليساريين الديمقراطيين في هذه النقطة بالذات، وأثناء حوارنا حول الوحدة لابد من مراعاة التجارب المتباينة لمختلف تيارات اليسار الديمقراطي وتاريخ كل واحد منها وحجمه وموقعه في الخريطة السياسية والتنظيمة للبلاد وما ينتج عن ذلك من مناخات نفسية لدى هذا التيار أو ذاك ولتكون قناعاتنا ونياتنا الوحدوية »خالصة« ـ وهذا لا أشكك فيه لدى حرزني ـ علينا أن نكون متواضعين في لغتنا الوحدوية الاقتراحية مراعين بيداغوجيا وبلاغيا مقولة أن لكل مقام مقالا؛ تسهيلا لهدف الوحدة حتى نحاصر من يناهضها أو يخشى على موقعه داخل القوى الديمقراطية مع كل وافد جديد سواء أكان فردا أو جماعة 3 ـ إن حرزني تجنى كثيرا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي حل نفسه مندمجا مع الاتحاد الاشتراكي حين قال إن الذي ساهم بقوة في تعطيل وعد الاتحاد الاشتراكي هو قرار الحزب الاشتراكي الديمقراطي في حل نفسه والتحاق أعضائه به، إذ ربما اعتقد أن العدوى ستنتشر تلقائيا إلى مكونات اليسار، إنه اعتقاد خاطئ لأنه ينطوي على استخفاف وشعور كل واحد بكرامة وبقيمة تجربته التشديد من عندنا إن الصيغة التي سلكها الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الوحدة هي صيغة من بين صيغ عديدة، وهي تنبئ عن نبل الفكرة، فكرة الوحدة لدى مناضليه قيادة وقواعد وهذا لا يعني البتة أن مناضليه لا كرامة لهم لأنهم ارتضوا صيغة وحدوية غير مشروطة لا تمس بقيمة تجربة حركتهمإن ما قاموا به يجسد الحس بالمسؤولية النضالية الوحدوية الرفيعة التي سوف تكتب لهم بمداد من الفخر في سجل التاريخ الوحدوي لقوانا الديمقراطية وهذا ليس غريبا عنهم، فأولئك المناضلون ـ وأنت واحد من قيادتهم في مرحلة تاريخية معينة بل ومؤسسا لتلك الحركة ـ عرفوا بفكرهم وممارستهم السياسية المطابقة والصادقة التي لا تخلف المواعيد الحاسمة في كل المحطات التاريخية الهامة التي عرفتها أمتنا ووطننا في قضايا القومية والوحدة الترابية والنضال الديموقراطي وفي قضايا خاصة تتعلق بتطور حركتهم الذاتي كالشرعية، واختيار النضال الديمقراطي والعمل الوحدوي الخإنهم تخطوا تجربتهم التنظيمية الذاتية من أجل »كرامة« جوهرية هي تحقيق حلم وحدة اليسار الاشتراكي كوسيلة لتقدم بلادنا وإنجاح انتقالنا الديمقراطي حيث قدموا ذلك بسخاء، ونكران ذات، وبغير حساب تلبية لنداء الوحدة، وأمام ذلك الهدف العظيم تتضاءل قيمة هذا التيار اليساري أو ذاك وينحسر الشعور الذاتي لكل مناضل يساري أمام قوة الفكرة فما أعظم الفكرة وما أعظم الوحدة رفيقي أحمد حرزني ما أريد أن أوكد عليه في خاتمة هذا الرد/الحوار؛ هو خلق أجواء الثقة بين اليساريين المغاربة ليتوحدواوعلينا ألا ننسى في هذا السياق أن نضع نصب أعيننا الأجواء النفسية المتراكمة التي تخلقت إبان عقود طويلة اتسمت بالصراعات والتمزقات والتفرقة بين تيارات اليسار المغربي وأقترح بتواضع المناضلين، أن تكون لغتنا الحوارية الوحدوية خالية من مفردات الجاهلية »العنترية« والأمراض النفسية, ;سلوك عصابي«، والقمار مقامرة ولي اليقين أن دعوتك الوحدوية الخالصة، وعملك الدؤوب لتوحيد اليسار المغربي لن يذهبا سدى






0 Comments:
Post a Comment