الجمعة، ماي 25، 2007


لا لتفويت مهرجان تطوان السينمائي ... للمجهول


عبد اللطيف البازي


مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط تظاهرة فنية راقية، جذابة، وتحتاجها مدينة تطوان كما يحتاجها المغرب. هو فسحة للتفاعل الثقافي والتلاقح المنتج بين حساسيات وتجارب جمالية متباينة تلتقي في انتمائها إلى هذه المنطقة الجميلة، منطقة البحر الأبيض المتوسط.

إلا أن الدورة 13 من هذا المهرجان بدت للعديد من المتتبعين منعطفا غير محسوب العواقب، وفيه الكثير من المجازفة. فبتحول المهرجان إلى مؤسسة أصبحت جمعية أصدقاء السينما بتطوان مكونا من ضمن مكونات عدة مشكلة للمؤسسة المذكورة لها مسؤولية التفكير والتنظيم، ولا توجد ضمانة حقيقية لكي يظل صوت الجمعية مسموعا، علما أنها هي من تعهدت هذا المشروع منذ سنوات تبدو الآن بعيدة، وعلما أن المهرجان هو من ضمن المكتسبات الثقافية والفنية للمدينة، ولا يحق لأي كان أن يفرط فيه بما في ذلك جمعية أصدقاء السينما نفسها التي عليها أن تراجع نمط اشتغالها، لكي تكون محاورا مؤثرا، وأن تنفتح أكثر على أفكار وطاقات جديدة لكي يظل المهرجان ذلك التقليد الثقافي المتفرد ذا الإشعاع الوطني والعربي والمتوسطي.

إن صيغة المؤسسة المشكلة من جميع الشركاء العموميين والخواص قد تكون، راهنا، صيغة مناسبة لتدبير الشؤون التنظيمية لمهرجان بحجم مهرجان تطوان السينمائي غير أن المطلوب هو أن تكون لمدينة تطوان في هذه المؤسسة التمثيلية الوازنة والمستحقة وأن تكون المسؤوليات واضحة ومتقاسمة. ففيما يخص الدورة الأخيرة تساءل الكثيرون : أين تنتهي صلاحيات رئيس المؤسسة ذ.نبيل بتعبد الله وزير الإتصال الحالي وأين تبتدئ مجالات تدخل ذ. أحمد حسني مدير المهرجان ورئيس الجمعية ؟ ومن المسؤول في آخر المطاف عن الوقع و الصور التي احتفظ بها المتتبعون لهذه الدورة ؟ و من نحاسب مثلا على فظاظة الحراس الذين كانوا مبثوثين بمواقع المهرجان أو على تباين مستوى الأفلام المعروضة؟ ومن كان وراء النجاح الذي عرفته الورشات التكوينية؟
إن الشيطان يسكن في التفاصيل، كما يقول مثل أمريكي، وجمعية أصدقاء السينما مطالبة بالدفاع عن التفاصيل وعن التصور العام لتظل قادرة على المساهمة في توجيه المهرجان وجهة متقدمة وليظل هذا المهرجان مرتبطا بالمدينة ويظل موعدا يؤثر جماليا ووجدانيا في من يحضره. وما سيسعدنا كثيرا هو أن يرتبط المهرجان أكثر بمدينته وأن ينصت إلى نبضها وأن يتطور وفقا لإيقاعه الخاص دونما استنساخ لبعض التجارب المغربية أو غير المغربية كمهرجان مراكش للفيلم أو غيره.

والخلاصة هي أنه إذا كانت صيغة المؤسسة ستجعل مهرجان تطوان السينمائي يتخلص من متاعبه المادية والتنظيمية فإنه لا ينبغي لها على الإطلاق أن تلقي به نحو المجهول و تجعله يفقد روحه وأصدقاءه . ففرادة مهرجان تطوان تكمن في احتفاظه بتلك الصلة مع بداياته الأولى اللذيذة حينما كان عشق السينما هو الموجه وحينما كانت الصداقة والحميمية شعاران مركزيان وتلقائيان يسندان هذه التظاهرة ويغنيانها.


)نشر بجريدة "المساء"/عدد 23 ماي 2007)

0 Comments: