عمود الأربـــــــعــــــاء
مــنـــــيــر بــرقــــاد
يكتب
أن تـكـــــــون عـــــــــــاشقا !!
كان الجو كئيبا والسحب تبوء بالحزن والصمت والبهاء، و الريح عاتية تهب وتجري بين أرجاء الغمام والغدير والبحار الباكية، تهب تارة لتلحق بالضفة الأخرى التي تسود فيها أشعة الصفاء وبريق الخلود ونسيم الهوى ودفئ العيش واتزان الحركة وصمود الشجر، وعزف الطير الجميل واستنارة الفكر وحضن المعاني وحجر الفلاسفة وصمت الديار ورقصات الربيع واعتناق العشاق بوعد المحبة الصادقة والوئام المثيل الواضح عبر الوصال والحنين والبسمات. وقف العاشق على الضفة الكئيبة في جانب من الجبل المطل على البحار، وهو يترنح بفكره المصبوغ بقطرات العشق الوادع، حيث رمى بعينيه إلى أعالي البحار وهو يعود بذاكرته إلى الوراء ليسترجع لحظات الذكرى المزخرفة برقصات القلب ومسرته وبينبوع الشعور منذ انبثاقه الصافي الصاعد من جسد البداية والخطوة الأولى أمام مقابلة ضيف اللقاء مع الذات الأخرى، وقف العاشق من هول نفوذ وانتشار شعاع الحب على مخيلته وخضم فكره واتساع معانيه، حيث أحس بنسيم العشق يطفو على نهر حياته، فما كان عليه سوى أن يطلق عنان شعوره الدافئ الغني بالحبور والألم والسعادة، حيث نطق بكلمات متذبذبة كانت معانيها مجسدة كالتالي:
« هكذا أجد وألمح الزمن يتحول بعد كل حين،...
وتتغير الحياة في بضع لحظات ويتغير فيها الإنسان ليصبح فيلسوفا لنفسه، يتأملها، يراقب شعورها، يتعقب خطاها...
في كل ميلاد يوم جديد، يطل ذلك الضوء الخجول , لكن هذا الضوء يظل ساكنا صامتا ولا يبتسم، لست أدري...
في كل صبح جميل تتلألأ العيون بسهام النظرات لتحدث اصطدام ...
في كل لحظة ونظرة يتساءل الفؤاد فيها..
ويترجمها الوجه على شكل ابتسامة...
متى سيبقى الناي يعزف نشيد الوحدة والشوق،
أيها الشوق، أيتها الشعلة المضيئة ! لتظلي مشرقة بخيوط الوفاء والوئام، بخيوط الورد والإخلاص، بدموع الثقة والانحصار...
ليتنا نلقي نظرة على سبل العاشقين، وليتنا نعرفها ونأنس بدفئ حضنها...
أدعوك إلى تاج الشعر ترتديه لتصبحين أميرة قصري، لا تنفري، ولا تسخري، سأظل في طريقي أمد جسر يدي... وسوف أكون محطة وقطارا سينقلك الى رحاب الغدير و الهناء ,فلا تحزني...
أيتها الريح تمهلي وأشهدي على هذيل كلامي
أتراك أيتها الريح ترسمين على لوح السماء
أزقة كانت قد تنشقت ضحكاتنا
في الغداة والمغيب بين راحتيه
إليك أشكو كالمجنون في جوف الليل
فهل لي أن أرى دموعا على مقلتيك
تحن على صدر تجرع بعض الآهات...
أيتها الريح العاتية هبي...
وأطلقي نغمات تطربني
كراع لزم الصمت بالناي والعويل...
أنظر هنا، بل هناك تجد شوق حنيني
وبوح واعتراف بالعشق والهيام بات ملتبسا بقناع.. »
أتدرون ما هذا القناع؟ يجيب عنه " فرويد" بعدما إلتقاه " رولان بارت" في طريق الذاكرة، حيث تحاورا وتكلما بعلامات ورموز كانت كالتالي:
· " فرويد" له خطيبته: « الشيء الوحيد الذي يجعلني أتعذب هو أن أجد نفسي في استحالة البوح لك بحبي».
" بارت": جيد، « كل شيء في تصرفه يبدو وكأنه يقول: لأنه لا يحبني أبدا، فإن أي شيء لا يهمني. لكنني لا أزال أحبه، ولم أحبه قطعا مثل الآن، لكن أن أبوح له بذلك، لم يكن ممكنا، لقد كان أمرا مخيفا».
مـنـيـر بـرقــاد






0 Comments:
Post a Comment